قصة قصيرة
قلب أم مجروح (مشاركة في المسابقة)
أي عصر هذا بتنا نعيشه؟؟
و أي حياة هذه صرنا نحياها؟؟
ما لي أرى القلوب تحجرت؟؟
والأخوة تفرقت؟؟
والأمومة اندثرت؟؟
و العيون جفت؟؟
أتراها علامات عصرالمسيح الدجال ظهرت؟؟
و كيف لا؟؟
و خلف أبواب المنازل تحدث الأعاجيب
هذا ابن يتفنن بعقوق والديه
و ذاك صغير لا يحترم من يكبره
و الآخر فتى يتبع كلما يغريه
و يشتري ما يسليه
متناسيا الله و ما يرضيه
فما عسانا نقول غيرلا حول و لا قوة إلا بالله و عظم الله أجرك يا أمة الاسلام في أبنائكِ.
يحكى أن امرأة عجوز مقعدة كانت تعيش مع ابنها الوحيد و زوجته التي لم تتوان يوما عن إيذائها و تعذيبها سواءً بالكلمات أو بالسوط.
ثلاث سنوات كاملة وهي تعاني من بطش هذه الكنة دون أن تشكوها عند ابنها خوفا على زواجه من الخراب
و التحجج عنده بأعذار واهية كلما سألها عن الكدمات التي تغطي وجهها .
و يوما بعد يوم كلما صمتت تلك العجوز عن أذى الزوجة كلما ازدادت هذه الأخيرة بطشا و تجبرا إلا أن استقبلت يوما زوجها باكية مُدعية أن صحتها لم تعد تتحمل مداراة والدته المريضة وأن صبرها نفذ و لم تعد تتحمل وقاحة أمه معها لذا طلبت منه وضعها بدار العجزة رغم أن العجوز المسكينة لم تسئ لها يوما بل على العكس هي التي كانت تشتمها و تضربها وتحرمها من الطعام و الشراب.
اعترض الابن بشدة وغضب من زوجته غضبا شديدا لكن غضبه سرعان ما تلاشى و هو يسمع منها الخبر الذي لطالما حلم به .
انفرجت أساريره من خبر حملها مما جعل الزوجة تستغل هذه النقطة لصالحها و تُخيره بينها و جنينها الذي تحمله و بين أمه ليختار الزوج بعد تردد زوجته وابنه على أمه التي كان لها الفضل في كونه رجلا الآن .
يا بني
أتعلم كم سهرت الليالي
و تجرعت المآسي
و أحرقتُ الآماني
و ذرفت الآلئ
و ضحيت بما غالي
فقط من أجل أن تحيا في الأعالي
أبعد كل هذا يكون هذا حالي
اه و اه منك يا فلذة كبدي
قال تعالى:{ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا }
سورةالإسراء 23/24
انتزع الشيطان عاطفة الابن تجاه أمه لدرجة أنه تركها في الدار غير آبه بدموعها و لا بتوسلاتها له ألا يفعل.
مرت الأيام و الابن لا يوفر جهدا في تدليل زوجته و غمرها بحنانه و حبه و خلال هذه الأيام لم يزر أمه وإنما اكتفى بالسؤال عنها عبر الهاتف فقط.
في أحد الأيام تلقى الابن اتصالا ليُفجع بموت والد زوجته و بعد مرور أيام العزاء فوجئ بزوجته تطلب منه أخذ والدتها للعيش معهم و حين رفض الزوج تصنعت الألم ووضعت يدها على بطنها ليُوافق الزوج مرغما خوفا على ابنه.
مرت الأيام و ضيق الزوج يزداد يوما بعد يوم و هو يرى زوجته تهتم بأمها و تبرها و طيف أمه يرافقه ليلا نهارا و ذكريات قديمة تمر بمخيلته مسببة له الأرق.
حضن دافئ يحتضن جسده الصغير لينام و لمسات حانية تعبث بشعره..يد باردة على جبهته لتستشعر حرارته وهمسات حنونة مختنقة (ليت المرض كان فيَّ انا بدلا عنك)
كان مستلقيا في الغرفة وحيدا فزوجته في غرفة أمها كالعادة تلك الغرفة التي كانت لأمه سابقا .
منذ ساعة و هو يحاول النوم غير أن النوم مجافيه فلم يتذوقه منذ وضع أمه في دار العجزة.
وقف و اتجه ناحية الطاولة الصغيرة الموضوعة بجانب السرير و بدأ بالبحث فيها عله يجد حبوب النوم.
لفت انتباهه ظرف صغير فتحه و قرأ الورقة التي بداخله و التي كانت بمثابة الصاعقة التي نزلت على رأسه و جعلته يستيقظ من السبات الذي كان فيه و أزالت الغشاوة عن عينيه..اتجه إلى حيث زوجته ووالدتها و عيناه تشتعلان غضبا
ضربها و طلقها ثم طردها ووالدتها شر طردة
ليخرج بعدها هائما على وجهه باحثا عن أمه التي تخلى عنها من أجل كذبة ..نعم كذبة فزوجته لم تكن حاملا لأنها عاااااااااااااااااقر.
وقف أمام غرفتها في الدار و هو يلهث غير قادرعلى مواجهتها بعد ما فعله .. تشجع بعد دقائق و فتح الباب بهدوء و أطل برأسه من الفتحة الضيقة .
كانت تجلس على السرير تحمل مصحفا بيدها و ترتل بصوت خاشع و دموعها تغطي وجهها
لم يحتمل أكثر دفع الباب بقوة و ركض ناحيتها جاثيا على ركبتيه مقبلا قدميها بحرقة طالبا السماح.
انتفضت الأم من تذلل ابنها و احتضنته بقوة و هي تقول :أنا لم أغضب منك يوما حتى أسامحك يا بني بل كنت أدعو الله دائما أن يُسعدك و يوفقك في حياتك.
سالت دموع الابن تأثرا أبعد ما فعله بها تهتم لأمره و تدعو له بالخير .
لقد كاد بغبائه أن يفقد أجمل شيء في الحياة الدنيا ألا و هي الأم و كاد يفقد أغلى شيء في الآخرة ألا و هي الجنة فالجنة تحت أقدام الأمهات.
أخرج أمه من الدار وانتقل للعيش معها في شقة جديدة تاركا القديمة و ذكرياتها المؤلمة .
تصادق مع ابن جاره وحكى له قصته فتعاطف معه الجار و عرض عليه أخته الجميلة الطيبة فتزوجها و بها عوضه الله عن الأولى حيث كانت نعم الزوجة له و نعم البنت لأمه و نعم الأم لأطفاله الذين رزق بهم فعاش بسعادة بين عائلته.
قال تعالى:"وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِير"
سورة لقمان الآية 14
تمت بحمد الله