الخميس أغسطس 07, 2014 7:14 am | المشاركة رقم: |
المعلومات | | الادارة العامه | | الصورة الرمزية | | البيانات | عدد المساهمات : 1657 | تاريخ الميلاد : 01/01/1999 | تاريخ التسجيل : 25/11/2012 | العمر : 25 | الموقع : منتدى الخضر |
الإتصالات | الحالة: | | وسائل الإتصال: | |
| موضوع: محمد بن القاسم الثقفي الخميس أغسطس 07, 2014 7:14 am
محمد بن القاسم الثقفي إعداد:- الأستاذ:- محمد أبو مليح * كثيرًا ما يحتاج القادة إلى كثير من الشدة والحزم، هذا بالنسبة للقيادة عمومًا، وإذا كان هذا القائد عسكريًا فإن الشدة تكون أولى صفاته، ولا يظن أحد أن هناك قائدًا عسكريًا يستطيع أن يقود جنوده بالحب لا بالسلاسل الحديدية والضرب على الأيدي بأوامر من حديد، هذا هو طبع الناس، وهو ما عليه بنو البشر، ولكن إذا جاء الوحي من الله، وحلَّ في قلب أحد من هؤلاء البشر تغير الحال غير الحال، وأصبح من الممكن أن يقود الرجل الجيوش بالحب، ويفتح البلدان بالحب وينشر مذهبه بالحب، بل ويكسب قلوب أعدائه بالحب. ومَن يطالع تاريخ الأمة الإسلامية لا يخفى عليه ذلك، فأول هذا التاريخ، وبدايته، والتي على أساس هجرة صاحب الأمة الإسلامية ومؤسسها نؤرخه، فالأمة الإسلامية يُؤرخ لها بالهجرة الحدث الفصل في حياتها، حيث هي بداية التأسيس لهذه الأمة، وصاحب هذه الهجرة هو أول مَن قاد الناس وفتح البلاد ودخل الناس على يديه في دين الله أفواجًا.. كل ذلك بالحب، ونحن هنا نعيش مع رجل تأسى بمؤسس دولته وصاحب شريعته وهادينا وهاديه.. محمد (صلى الله عليه وسلم) هذا هو القائد الإنسان محمد بن القاسم الثقفي، هذا القائد الذي كان خير سلف لخير خلف. نسبه وأهله هو محمد بن القاسم بن محمد بن الحكم بن أبي عقيل بن سعود بن عامر بن معتب الثقفي, يجتمع هو والحجاج بن يوسف الثقفي* فى الحكم بن أبي عقيل([1])،* كان أبوه القاسم بن محمد بن الحكم الثقفي واليًا على البصرة للحجاج بن يوسف, فنشأ محمد نشأة كريمة وسط القصور، وبين الأمراء والقادة، وهو ما ساعده على أن يكون قائدًا، ومن المعلوم أنه ليس كل من ولِد في بيت الأمراء فهو أمير، ولا كل من ولِد في بيت القادة فهو قائد, إنما كان نجاح محمد بن القاسم في الأخير راجعًا إلى فطرته السوية، واستعداده الشخصي وحرص أبيه على أن يكون قائدًا. وكان من المشهور عن أسرة ابن القاسم أنهم أكثر القوم قادة وأمراء، وعرِف محمد بن القاسم بشجاعته وقوة بأسه منذ صغره، وفي ذلك يقول الشاعر ([2]): إن المنايـــا أصبحــــت مختالــــة**** بمحمـد بـن القاسـم بــن محمــد ساس الجيوش لسبع عشرة حجة****** يا قـرب ذلـك سؤددًا من مـولـد أو كما قال آخر: قاد الجيوش لخمس عشرة حجة******* ولـذاته عـن ذاك فـى أشـغال فغدت به أهـواؤهم وسمت لـه********* همم الملوك وسورة الأبطال وقد تولى محمد بن القاسم السند وعمره سبعة عشر عامًا، أو خمسة عشر عاما كما في الروايتين السابقتين، وإن كان المرجح أنه تولى لسبعة عشر عاما، وذلك يدل على أنه ولد عام 72 من الهجرة (691م)، حيث كان فتح السند في 89هـ([3]). محمد بن القاسم القائد لما كان محمد بن القاسم شديد القرابة للحجاج، ولما اشتهر به هو من شجاعة وقوة وجرأة فإن الحجاج لم يجد بدًا من توليته على رأس الجيش الذي بعثه إلى أرض السند، وذلك بعد أن أهين الجيش الإسلامي هناك وقصته: أن ملك جزيرة الياقوت ([4]) أرسل إلى الحجاج نسوة مسلمات ولدن في بلاده، ومات آباؤهن، فأراد التقرب من الحجاج بهن، وبينما هم في طريقهم إلى الحجاج اعترض السفينة بعض اللصوص، فأخذوا النسوة، وبينما الحال كذلك صرخت امرأة منهن: «يا حجاج»، وما أن وصل الخبر إلى الحجاج حتى غلت الدماء في عروقه وناشدته أخوة الإسلام ونخوة العرب، فأرسل إلى داهر، ويقال ذاهر في طلب النسوة وردهن، فقال داهر: إنه لم يأخذ أحدًا إنما أخذهم لصوص لا يقدر عليهم، وكأنه استخف بالحجاج، فجهَّز الحجاج من فوره جيشًا لغزو بلاد داهر بقيادة عبد الله بن نبهان وأوعز إليه أن يسير إلى الديبل([5]). ولكن ما إن وصل ابن نبهان إلى البلدة حتى لقيه العدو فنفر به فرسه فأحاط به العدو هو ومَن معه وقتلوه، وأصبح الجيش بين شهيد وفار، فكتب إلى بُدَيْل بن طهقة البُجَلِيّ، وكان بعمان أن عليه أن يسير إلى الديبل ففعل ولكنه قتِل كذلك([6]). وحينها أحسَّ الحجاج بما لحق بالمسلمين من مهانة، وللعزة الإسلامية من انكسار، فلم يجد بدًا من أن يرميهم برجل من رجال الدهر. وذلك يؤكِّد لنا أن الحجاج لم يختر محمد بن القاسم لقرابته منه، وإنما لقوته وبأسه. فكتب إلى محمد بن القاسم، وكان بفارس وفي طريقه إلى (الريّ)* فطلب منه أن يعود إليه، وعقد له على ثغر السند، وضم إليه ستة آلاف من جند الشام، وجهَّزه بكل ما يحتاج إليه الجيش من مؤنة وعتاد وأنفق عليها ولم يدخر وسعًا في ذلك، حتى قيل إنه أنفق على هذه الحملة ستين ألف ألف درهم (ستون مليون درهم). وهنا يظهر لنا جانبًا من أهم جوانب محمد بن القاسم القائد الشاب وهو يقود جيشًا إلى بلد هزَمت جيشين قبله، وأهينت بها كرامة الدولة، بل والأمة كلها. وردَ أن محمد بن القاسم كان حريصًا قبل رحيله على معرفة أحوال البلاد والعباد هناك, فدرس بلاد السند دراسة واضحة، ثم إنه لم يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وضمها إلى جيشه، حتى إنه لما علم أن الخلَّ شحيح في بلاد السند طلب من الحجاج أن يزوده به، فأمر الحجاج بأن ينقع القطن في الخل الأحمر الحاذق، ثم جفف وقيل: إنه أرسله إليه، وقيل: إنه طلبه بعد أن صار بالجيش فأرسله الحجاج له. المهم أن القائد الشاب لم يغفل عن شيء، وتعلَّم ممن سبقه من القادة الكبار الذين قد أخفقوا من قبله في أثناء القيام بهذا العمل (وذلك لابد وأنه كان السبب الأساس فيما عرف عنه من قوة ودهاء). وهذا درس عملي لنا، ولابد أن محمد بن القاسم حينها قد تأسى برسوله الكريم (صلى الله عليه وسلم)، فهو(صلى الله عليه وسلم) عندما أراد أن يهاجر فلم يترك شيئًا من الممكن أن يحتاج إليه إلا وأعده، وأكد عليها (الراحلتين، الدليل، الطعام، الصحبة، مَن يعمي على خطاهم بالغنم... إلخ)([7]). كيف فتح محمد بن القاسم بلاد السند وقتل داهرًا؟ نتتبع هنا خط سير محمد بن القاسم فى فتح بلاد السند حتى نأخذ منها بعض العِبر والعظات من القائد الشاب ابن السبعة عشر عامًا، أي وكما يقول الدكتور راغب السرجاني في إصدار له بعنوان كلمة إلى شباب الأمة، أي فى الصف الثاني أو الثالث الثانوي. توجه محمد إلى مُكران* فأقام بها أيامًا([8])، ثم أتى إلى فنزبور([9]) ففتحها، ثم أتى أرمائيل ([10]) ففتحها أيضًا، وكل هذه مدن صغيرة نوعًا بالنسبة لغيرها من المدن، وهناك حط بالرحال، والتقى ببقية قواته. وبعد أن فتح المدن السابقة الذكر بالقوة التي كانت معه اتجه إلى الديبل* وهي مدينة لها شأن وشأن، فانتظر محمد إلى أن وافته السفن المحملة بالرجال والعتاد([11])، حتى إذا اكتمل جيشه خنَّدق حول المدينة، ولم يكن لأهل البلدة أن يتركوها بسهولة لقداستها عندهم، ولذا فقد نصب عليها محمد منجنيقًا، كان يعمل لتشغيله خمسمائة من الرجال من ذوي الكفاية المدربين على استخدامه، ثم وجهه إلى معبدهم، وهو معبد الهنادكة الأكبر الذي كانوا يُطلقون عليه (البدُ) ([12]) فدكه بقذائفه،والقصة كما وردت في تاريخ ابن خلدون:" ثم سار إلى الديبل وكان به بد عظيم في وسط المدينة على رأسه دقل عظيم وعليه راية. فإذا هبت الريح دارت فأطافت بالمدينة. والبد صنم مركوز في بناء والدقل منارة عليه. وكل ما يعبد فهو عندهم بد. فحاصر الديبل ورماهم بالمنجنيق فكسر الدقل فتطيروا بذلك. ثم خرجوا إليه فهزمهم وتسنم الناس الأسوار ففتحت عنوة وأنزل فيها أربعة آلاف من المسلمين وبنى جامعها"([13]). وهي في ابن الأثير: " ثم سار إلى الديبل فقدمها يوم جمعة ووافته سفن كان حمل فيها الرجال والسلاح والأداة فخندق حين نزل الديبل بد عظيم عليه دقل عظيم وعلى الدقل راية حمراء إذا هبت الريح أطافت بالمدينة وكانت تدور والبد صنم في بناء عظيم تحت منارة عظيمة مرتفعة وفي رأس المنارة هذا الدقل وكل ما يُعبد فهو عندهم بد. فحاصرها وطال حصارها فرمى الدقل بحجر العروس فكسره فتطير الكفار بذلك ثم إن محمداً أتى وناهضهم وقد خرجوا إليه فهزمهم حتى ردهم إلى البلد, وأمر بالسلالم فنصبت وصعد عليها الرجال وكان أولهم صعودًا رجل من مراد من أهل الكوفة ففتحت عنوة وقتل فيها ثلاثة أيام وهرب عامل ذاهر عنها وأنزلها محمد أربعة آلاف من المسلمين وبنى جامعها" وهنا تتوقف لنعطي بعض الإشارات: (1) لم يفعل محمد بن القاسم ذلك مع المدن الأخرى، فهو يقدر كل شيء بقدره، ففي المدن الأخرى كان يكتفي بالحرب، وقبلها كان يرسل إلى أهلها يطلب منهم التسليم مقابل الأمان، ولكن لعظم مكانة المدينة في قلوب الناس علم أنه من الصعب أن يسلم أهلها وإنما من الطبيعي أن يموتوا دونها، ولذا فقد ضربها ضربة يرهب بها أهلها ومن بعدهم، وذالك من فوائد دراسة المكان، أو الأمر قبل الدخول فيه. (2) توجه محمد إلى ما يدعو إلى قداسة المدينة فأزال عنها قدسيتها حتى تهون على الناس، فتهون عليه، وهو من باب الاهتمام بالأهم ثم المهم أو ما يُسمى فقه الأولويات. ثم بعد أن دانت المدينة لمحمد أنزل فيها محمد أربعة آلاف من المسلمين وبنى عليها جامعها فكان أول جامع بُنى في هذه المنطقة، وهنا الإشارة الثالثة. (3) أول ما فكر فيه محمد بن القاسم المسجد، ثم إنه ترك بالمدينة حامية من أربعة آلاف لأهميتها. ثم نكمل مع محمد القائد الشاب مسيرته، فبعد أن فتح الديبل اتجه إلى النيرون ([14]) وكان أهلها قد بعثوا إلى الحجاج فصالحوه، فوفَّى محمد بما عهد به الحجاج لهم، ثم سار إلى ليرون، وجعل لا يمر بمدينة أثناء سيره إلا وفتحها([15])، ثم عبر نهر مهران، وكان قد مر حينها بسربيدس وصالح أْهلها وسدوستان فصالحهم كذلك، ولم يكن داهر حتى ذلك الحين يعيره اهتمامًا، ولكن ما أن عبر نهران حتى أحس داهر بخطره فجهَّز له جيشًا ضخمًا وقاده بنفسه، فقاتله محمد وجيشه حتى قتل داهر وتفرق صحبه وتمزقوا كل ممزق، ويقول القاسم ثعلبة بن عبد الله الطائي ([16]) قاتل داهر: الخيل تشهد يوم داهر والقنا*********** ومحمد بن القاسم بن محمد أنى فرجت الجمع غير معرد ([17]) حتى علوت عظيمهم بمهند فتركته تحت العجاج مجندلاً*********** متعفر الخدين غير موسد وفتح بعدها محمد بلدان السند ومدنها الواحدة تلو الأخرى، وقد ورد أنه حينما أراد فتح (راور) ([18]) عنوة كان بها امرأة لداهر فحرقت نفسها وجواريها وجميع ما لها خوف الأسر أو السبى. ثم إنه عندما فتح (الرور) وهي من مدائن السند وتقع على جبل، وذلك بعد محاصرتها شهورًا، لم يعرض لأهلها ولا لبُدِّهم وقال: «ما البد إلا ككنائس النصارى واليهود وبيوت نيران المجوس» ووضع عليها الخراج وبنى عليها مسجدًا، وهنا أمران: الأول: أنه في حال الديبل كان أول ما بدأ به البُدّ، وفى الرور تركه، حيث يقدر كل موقف في حينه، ففي الأول لم يكن له القوة ولا الغلبة وحينها كان لابد من إنزال الرعب في القلوب أما وقد فتح البلاد ودانت له لم يعد للرعب مكان، بل الحب. الثاني: مع أنه تركهم وترك معابدهم ومقدساتهم إلا أنه يبنى عليها مسجدها الذي هو مشعل الإضاءة الذي يرجو أن تضيء به حياة هؤلاء بعد أن يتغيروا، وهو دليل على معرفة محمد بأهمية المسجد. ثم نأتي إلى موقفه فى بلدة أخرى، وهي المُلتان ([19])، وهي من أعظم مدن بلاد السند وأقواها حصونًا وتحصينًا، فحاصرها وقاتله أهلها قتالاً شديدً، وامتنعت المدينة عليه، حتى أتاه رجل مستأمن فأمَّنه فدلَّه على مدخل الماء الذي يشرب منه السكان فقطعه محمد عليهم فاضطرهم إلى التسليم، وحينها قتل محمد المقاتلة وسبى الذرية وسدنة المعبد، وكانوا ستة آلاف وهدم بدهم وخربه، حيث كان هذا البد يحج الناس إليه ويهدون إليه الهدايا ويطوفون به ويحلقون رؤوسهم ولحاهم عنده ويزعمون أن صنمًا به هو سيد أيوب النبي (عليه السلام). وهكذا محمد بن القاسم القائد الشاب يُقدر كل أمر بقدره فمرة يهدم مكان العبادة وأخرى يتركه، ومرة يقتل المقاتلة ومرة يعفو عنهم مما يدل على أن القتل عند المسلمين ومنهم محمد بن القاسم لم يكن شهوة يقضيها أو يشبعها، وإنما القتل عندما لا يصلح غيره. | يتبع |
|
| |